تكتب ماجي رووي أنّ عبارة “أبدأ فصلًا جديدًا” تنتشر في لحظات الانعطاف: طلاق أو فراق أو فقدان وظيفة، أو حتى عند الحديث عن شخص راحل. العبارة جذابة لأنّها تمنح إحساسًا بالانتقال الواعي، لا مجرد تغيّر عابر. الفصل يحمل بنية، منحنى تعلّم، إحساسًا بأن الإنسان قلب الصفحة لأن نضجًا معيّنًا ظهر. المرحلة أو الفترة كلمات محايدة، أما الفصل فيلمّح إلى امتداد الحكاية وإلى وجود أمل في السطور المقبلة.

 

تشير الكاتبة في مقالها المنشور في مجلة سايكولوجي توداي، موضحة أنّ رووي ترى في “الفصل الجديد” فكرة عملية، لا استعارة مليئة بالزخارف. الإنسان يشعر ببداية الفصل عندما تتغيّر نبرة يومه، عندما يحدث تغيير داخلي صغير يشبه عنوانًا خفيًا يُكتب فوق الصفحة التالية.

 

وتسرد الكاتبة تجربة صديقتها جوانا، التي فقدت والدتها، فوجدت حياتها تُعاد كتابتها بالتدريج. جوانا تتعلم الطهي، تستخدم المواصلات العامة، تقرأ كل ليلة، وتكرر الصفحة مرات حتى تثبت الكلمات. هذه الحركة البسيطة تُعيد لها مهارات كانت تظن أنّها خارج متناولها. مشاهدتها تعلّم الكاتبة أنّ النمو لا يعتمد دائمًا على التوسع، بل على التكرار الهادئ حتى يستقر الفعل داخل الروح. النصيحة العملية هنا واضحة: البداية لا تحتاج قفزة، بل عادة صغيرة تتكرر بانتظام. الإنسان يغيّر واقعه حين يختار طقسًا بسيطًا يلتزم به.

 

وتصف رووي فصلًا موازيًا في حياتها. حياتها الخارجية بدت مثالية: منزل لامع، زوج مشهور، صور مرتّبة على إنستغرام. لكن الوسواس القهري كان يهدم هذا الهدوء من الداخل. الكتاب الذي كتبته، “Easy Street”، لم يؤسس نهاية سعيدة بل كشف فوضى حقيقية احتاجت إلى معنى. إدراكها لاحقًا أنّ الكتاب مجرد فاصلة، لا خاتمة، يقدّم نصيحة مهمة: الكتابة، أو أي وسيلة للتعبير، قد تصنع وضوحًا مؤقتًا، لكنها لا تُغلق الفصل بالكامل. الإنسان يحتاج أن يتوقف، يتأمل، يعيد تعريف نفسه قبل أن يضغط على زر “استمرار”.

 

وفي فصل جديد، تكتشف الكاتبة ومعها جوانا إيقاعًا مختلفًا للحياة. جوانا تسير بثقة في دائرة التعلم منخفضة الضجيج: بطاقة مكتبة، خريطة حافلات، طبق طعام تشارك به الآخرين. هذه الخطوات الصغيرة تجعلها تبني علاقة جديدة مع العالم. النصيحة العملية هنا أنّ الاعتماد على النفس يبدأ من أبسط المهارات، ومن ممارسة واقعية بدل انتظار “لحظة تغيير كبرى”.

 

وتقدم الكاتبة نصيحة ذهبية: الفضول علاج. تخصيص وقت لملاحقة فكرة صغيرة — كلمة غريبة، معنى جديد، ممارسة إبداعية — يفتح نوافذ داخلية تُعيد طاقة المبادرة.

 

وتتأمل رووي “فصول منتصف العمر”، التي تبدو أقل درامية وأكثر صدقًا. الإنسان لا يعيد اختراع نفسه، بل يعيد تذكّر نفسه. يحرّر الصفات التي أخفاها إرضاءً للآخرين. وهذه فكرة عملية بدورها: التغيير الحقيقي يحدث عندما يتوقف الشخص عن أداء دور ليس دوره، ويستعيد صوته الأصلي. لا حاجة إلى انقلاب شامل؛ يكفي أن يعيش الشخص بوضوح أكبر مع نفسه.

 

وتشير الكاتبة إلى قلق شائع: هل الفصل الجديد مجرد تكرار للفصل القديم؟ ربما تبدو الخلفية هي ذاتها، لكن الشخصية تغيّرت. الخبرة تُهدّئ الإيقاع، تمنح مساحة للتوقف، وتُعيد تعريف الأولويات. النصيحة هنا أنّ مجرد إدراك اختلاف الشخص عن نسخته السابقة دليل على بداية فصل جديد حتى لو لم يتغيّر المشهد بالكامل.

 

وفي تأملها الأخير، تربط الكاتبة بين الفصول والأمل. الأمل يبدأ في لحظة ضبابية، في ظلام خفيف لا يعرف فيه المرء موقعه من الحكاية. الفصل الجديد يعلن حضوره عبر إحساس داخلي لا يحتاج دليلًا. الإنسان يشعر بأنّ الصفحة المقبلة تدعوه. وفي رؤية رووي، نهاية فصول الكتاب ليست حلًا نهائيًا بل وقفة قبل الاستمرار. الحكايات الأكثر صدقًا لا تنتهي، بل تُكتب عبارة “يتبع” داخلها طوال الوقت.

 

وبذلك تتحول فكرة “الفصل الجديد” من عبارة عاطفية إلى خطة حياة: عادة صغيرة تتكرر، تعبير يفتح معنى، فضول يمنح طريقًا، وجرأة على قراءة السطور التالية دون خوف من العتمة.

 

https://www.psychologytoday.com/us/blog/bodhisattva-wannabe/202511/seeing-change-as-a-new-chapter